کد مطلب:109750 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:271

خطبه 032-روزگار و مردمان











ومن خطبة له علیه السلام

وفیها یصف زمانه بالجور، ویقسم الناس فیه خمسة أصناف، ثم یزهد فی الدنیا

معنی جور الزمان

أَیُّهَا النَّاسُ، إِنَّا قَدْ أَصْبَحْنَا فی دَهْر عَنُودٍ، وَزَمَن كَنُودٍ، یُعَدُّ فِیهِ الُمحْسِنُ مُسِیئاً، وَیَزْدَادُ الظَّالِمُ فِیهِ عُتُوّاً، لاَ نَنْتَفِعُ بِمَا عَلِمْنَا، وَلاَ نَسْأَلُ عَمَّا جَهِلْنَا، وَلاَ نَتَخَوَّفُ قَارِعَةً حَتَّی تَحُلَّ بِنَا.

أصناف المسیئین

فَالنَّاسُ عَلَی أَرْبَعَةِ أَصْنَاف: مِنْهُمْ مَنْ لاَ یَمْنَعُهُ الفَسَادَ فی الْأَرْضِ إِلاَّ مَهَانَةُ نَفْسِهِ، وَكَلاَلَةُ حَدِّهِ، وَنَضِیضُ وَفْرِهِ. وَمِنْهُمُ الْمُصْلِتُ لِسَیْفِهِ، وَالْمُعْلِنُ بِشَرِّهِ، وَالْمُجْلِبُ بِخَیْلِهِ وَرَجِلِهِ، قَدْ أَشْرَطَ نَفْسَهُ، وَأَوْبَقَ دِینَهُ لِحُطَامٍ یَنْتَهِزُهُ، أَوْ مِقْنَبٍ یَقُودُهُ، أَوْ مِنْبَرٍ یَفْرَعُهُ. وَلَبِئْسَ الْمَتْجَرُ أَنْ تَرَی الدُّنْیَا لِنَفْسِكَ ثَمَناً، وَمِمَّا لَكَ عِنْدَ اللهِ عِوَضاً! وَمِنْهُمْ مَنْ یَطلُبُ الدُّنْیَا بِعَمَلِ الآخِرَةِ، وَلاَ یَطْلُبُ الآخِرَةَ بِعَمَلِ الدُّنْیَا، قَدْ طَامَنَ مِنْ شَخْصِهِ، وَقَارَبَ مِنْ خَطْوِهِ، وَشَمَّرَ مِنْ ثَوْبِهِ، وَزَخْرَفَ مِنْ نَفْسِهِ لِلْأَمَانَةِ، وَاتَّخَذَ سِتْرَ اللهِ ذَرِیعَةً إِلَی الْمَعْصِیَةِ. وَمِنْهُمْ مَنْ أَبْعَدَهُ عَنْ طَلَبِ الْمُلْكِ ضُؤُولَةُ نَفْسِهِ، وَانْقِطَاعُ سَبَبِهِ، فَقَصَرَتْهُ الْحَالُ عَلَی حَالِهِ، فَتَحَلَّی بِاسْمِ الْقَنَاعَةِ، وَتَزَیَّنَ بِلِبَاسِ أَهْلِ الزَّهَادَةِ، وَلَیْسَ مِنْ ذلِكَ فی مَرَاحٍ وَلاَ مَغْدیً. الراغبون فی الله وَبَقِیَ رِجَالٌ غَضَّ أَبْصَارَهُمْ ذِكْرُ الْمَرْجِعِ، وَأَرَاقَ دُمُوعَهُمْ خَوْفُ الْمَحْشَرِ، فَهُمْ بَیْنَ شَرِیدٍ نَادٍّ، وَخَائِفٍ مَقْمُوعٍ، وَسَاكِتٍ مَكْعُومٍ، وَدَاعٍ مُخْلِصٍ، وَثَكْلاَنَ مُوجَعٍ، قَدْ أَخْمَلَتْهُمُ التَّقِیَّةُ، وَشَمِلَتْهُمُ الذِّلَّةُ، فَهُمْ فی بَحْر أُجَاجٍ، أَفْوَاهُهُمْ ضَامِزَةٌ، وَقُلُوبُهُمْ قَرِحَةٌ، قَدْ وَعَظُوا حَتَّی مَلُّوا، وَقُهِرُوا حَتَّی ذَلُّوا، وَقُتِلُوا حَتَّی قَلُّوا.

التزهید فی الدنیا

فَلْتَكُنِ الدُّنْیَا أَصْغَرَ فی أَعْیُنِكُمْ مِنْ حُثَالَةِ الْقَرَظِ، وَقُرَاضَةِ الْجَلَمِ، وَاتَّعِظُوا بِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ قَبْلَ أَنْ یَتَّعِظَ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ; وَارْفُضُوهَا ذَمِیمَةً، فَإِنَّهَا قَدْ رَفَضَتْ مَنْ كَانَ أَشْغَفَ بِهَا مِنْكُمْ. قال السید الشریف _ رضی اللّه عنه _:أقول: وهذه الخطبة ربما نسبها من لا علم له بها إلی معاویة، وهی من كلام أمیرالمؤمنین علیه السلام الذی لا یشك فیه، وأین الذهب من الرّغام ! والعذب من الاجاج! وقد دلّ علی ذلك الدلیل الخِرِّیِت ونقده الناقد البصیر عمروبن بحر الجاحظ; فإنه ذكر هذه الخطبة فی كتابه «البیان والتبیین» وذكر من نسبها إلی معاویة، ثم تكلم من بعدها بكلام فی معناها، جملته أنه قال: وهذا الكلام بكلام علی علیه السلام أشبه، وبمذهبه فی تصنیف الناس وفی الإخبار عماهم علیه من القهر والإذلال ومن التقیة والخوف ألیق. قال: ومتی وجدنا معاویة فی حال من الأحوال یسلك فی كلامه مسلك الزهاد، ومذاهب العُبّاد!